مقطع من ترجمة رواية بيت على الحدود

من ترجمتي لرواية #بيت_على_الحدود الموجودة الآن في جناح منشورات ابييدي بمعرض رأس البر والمتوفرة في جميع المكتبات..

“استيقظت، وللحظة تساءلت عن مكان وجودي، ثم تذكرت..
لا تزال الغرفة مُضاءة بهذا الضوء الغريب، نصف شمس ونصف قمر عجوزين، شعرت بالانتعاش إذ تركني الألم والتعب، تحركت نحو النافذة ونظرت إلى الخارج.
بالأعلى يجري نهر اللهب في كل الاتجاهات، كنصف دائرة نارية راقصة، كزلاقة قوية تدور وتنسج في نول الزمن، وبدا لي أنها تتغلب على اختيارات الأعوام، لن أنسَ أن الوقت يمر بسرعة هائلة ولا يُمكن الإحساس بالشمس وهي تشرق ثم تغرب، الحركة الوحيدة الواضحة هو سريان التيار الشمسي المُرتعش والسريع جدًا.
عندما نظرت إلى الخارج تذكرت فجآة الرحلة الأخيرة غير المنطقية بين العوالم الفضائية   والرؤيا التي زارتني مع اقترابي من النظام الشمسي والأجرام التي تدور بسرعة حولها وكأن سلطة الوقت التي تحكم كل شيء قد انتهت، وبالتالي سمحت لي آلة الكون بالركض إلى نهاية الأبد في بضع لحظاتٍ أو ساعات، مرت الذكرى، ما استنتجته –جُزئيًا- هو السماح لي –بطريقة ما- بإلقاء نظرة على مساحات زمنية أخرى، بالخارج، استمر زلزال تيار الشمس، ويبدو أن السرعة تتزايد، فكلما نظرت تمر عدة أعمارٌ  وتذهب عصور، ثم وبجدية مُروعة انتبهت أنني ما زلت حيًا، وفكرت في بيبر فتساءلت لماذا لم يُصيبني ما أصابه، لقد توفي منذ سنوات طويلة، وها أنا على قيد الحياة بعد مئات الآلوف من القرون.
أين ذهب الأمس؟ لم يُعد هُنالك، الأمس الذي أتحدث عنه يستقر في هاوية السنين، ابتلعته ابتلاعًا، بل ازدردت عصورٌ كاملة، أصابني دوارٌ مؤذٍ من كثرة التعمق في التفكير.
ثم استدرت إلى الغرفة والتي تغيرت بشكلٍ جذري؛ كانت خالية من كل قطعة أثاث، ولا قطعة واحدة من أي نوع، تدريجيًا، هذه نتيجة ونهاية حتمية لعملية الاضمحلال المُستمرة التي شاهدتها تبدأ قبل نومي..
آلاف السنين! ملايين السنين!”

أضف تعليق