مقطع من رواية #فارس_الحق – الكتاب الأول

في البدء، لم يعرف #فارس_الحق شيئًا عما يُحيط به.
يحكي لي عما قيل له يومًا، عام ٢٠٠٨:

– أحيانًا يحتاج المرء إلى دَفعة صغيرة، ليدرك ما عليه فعله، وليُكمل مهمته، وأنا هنا لأعطيك هذه الدفعة، والآن، هل أنت مستعد للطيران؟
وجدت نفسي أقول في حيرة غامرة:
– وهل يطير البشر؟
– بالتأكيد.
– هل ستخبرني كيف أفعل ذلك؟
– الأمر بسيط، هل رأيت كيف تُقلع الطائرة؟ إنها تُسرع على الممر إلى أن تصل لسرعة معينة، ثم إلى الفضاء.
قالها وهو يُحرك كفه بمحاذاة الأرض ثم يرتفع بها إلى أعلى، هنا ظهر الطائر الذاكر مرة أخرى وغرد بتسبيحه الشادي، ورفرف بجناحيه فوقنا وهو يبتعد، فأشار إليه الشيخ وقال عبر عقلي:
– أنظر، هذا ما عليك فعله، وأنت تطير في الجو.
لم أدرك على الفور ما عناه هذا الشيخ، ولكني تخيلت الأمر، هو يريدنى أن أركض، وأركض، ثم أطير! هو يعتقد أني استطيع فعل ذلك، وهو أيضًا يريدني أن أرفرف بذراعىّ في الهواء، تمامًا كما تفعل الطيور لتحافظ على توازنها أثناء الطيران، أكاد أُجزم أن من يتحدث بهذا الكلام معتوه، وبالطبع فقد سمع ما فكرت فيه، فقال في تحدٍ واضح ودون أن يُعقب على ما وصمته به:
– بالضبط يا فتى، هذا ما أريد منك فعله، وأريدك أن تبدأ الآن.
ملأ نظراته بالتحدي، وأنا لا أحب التحدي، لا أحب أن يضعني أحدهم أمام الخيارات، ترددت للحظات ثم حسمت أمري، صحيح أني لا أملك سببًا واحدًا كي أثق بهذا الذي لم يُخبرنى باسمه، ولا أعرف أي شيء عنه، وذلك الضابط الأسود، (داوسون)، يُثير في قلبي الرعب بوقفته الصارمة تلك، ولكني أريد أن أخوض التجربة، هل تأتى لي الفرصة كي أدخل عالم العجائب، ولا أحبو كي أنالها؟ قد حسمت أمري ولكن قلبي لم يطمئن بعد:
– أريد أن أفعل ما تريده مني يا سيد، ولكني أريد ان أفهم أولًا، ما الذي حدث لي اليوم، كيف ضربت الأرض بتلك القوة الخارقة، كيف التهبت يدى بتلك الأشعة الزرقاء المُخيفة، كيف حل الظلام هنا بتلك السرعة ولم تتجاوز الساعة الخامسة إلا بعدة دقائق؟
أجاب الشيخ بقوله:
– سأشرح لك كل شيء بعدما تفعل ما طلبته.
يا للعجب، وقفت بعدها منتصب القامة استعدادًا لما سأفعله، حقٌ عليَّ أن أشك في مقدرتي على الطيران، ولكني كنت قد عزمت أمرى، وأصررت على المحاولة، لا أدري لماذا، ربما أريد الاشتراك في مغامرة، أو أن أكتسب أهمية، ربما أشعر بنقص في أعماقى، لقد ركضت، وركضت، ثم أسرعت، وأسرعت، وأسرعت، الظلام الدامس من حولي لم يعد يُخيفني، طاقة عجيبة تسري في عروقي، ثم قفزت، وحلق جسدي في الهواء للحظات.
ثم سقطت!

***

لن تسقط يا فارس الحق، سيأتي يومك، ستسود، وستعرف الأكوان ما ضحيت به من أجلهم.

أضف تعليق