بقلم صديقي حسني الجهيني

صيدلية بريئة المظهر في الاسكندرية يمكن أن تكون قد مررت من أمامها يومًا. يجلس بداخلها شاب طموح مولع بكتابات الرعب والفانتازيا ولديه شغف رائع للترجمة. لكن لضيق الوقت والعمل الذي يلتهم جل يومه لا يجد مفر إلا باستكمال مشروعه الكتابي في العمل. يضع مفكرته مع اقراص “البنادول” والـ”سيتال” في الدرج. ويخرجها كلما سنحت فرصة خلو الصيدلية من ذبون
ينتبه قليلًا مع دخول ذبون للمكان ليقول شكواه: “لدي ألم في صدري طوال الليل يا دكتور . ولا أكف عن السعال بسببه”
يجيب الشاب بشرود: ” وتد فضي في الصدر. دائمًا ما كان الوتد الفضي يريح العالم من شر مصاصين الدماء ولعنتهم”

  • ماذا ؟!
    يستدرك الشاب كلامه:
    ” عذرًا أين روشته الطبيب الخاصة بك؟”
    يناوله المريض الروشته. المكتوبة برموز يفهمها هو وحده. لكن يتداخل تفكيره بين الكلام المكتوب فيها. وبين النص الذي قاطعه دخول المريض. فيقول بشرود:
    ” اللاتينية مرة أخرى. دائمًا ما تنذر اللاتينية بأن كاتبها الشيطان. ارسل التحية لسيدك “لوسيفر”. وقل له أننا على استعداد لتقديم القربان”
    يهتف الذبون بتعجب:
  • لوسيفر من يا دكتور؟ الروشتة كتبها الدكتور “عبد السميع”.
    يعدل الطبيب كلامه:
  • أجل “عبد السميع” .. بلغ ” الدكتور عبد السميع” أنني مستعد لتقديم القربان. يسعل: أقصد تقديم العلاج المناسب لمرضاه .
    ثم يسارع بتقديم العلاج للمريض. الذي يتناوله منه بأعين متسعة وهو يرتجف. قبل ان يخرج من الصيدلية وهو يضرب كفًا بكف. متأسيًا على الصيادلة زينة الرجال. الذين لكثرة قراءتهم لأسماء الأدوية قد أصاب عقلهم لوثة .
    يخرج المريض فيذفر الشاب، متمتمًا:
    ” الكتابة تحتاج المناخ المثالي والتفرغ يا “أحمد”. رغم أن الصيدلية هو مكان ملائم لقصة رعب عن صيدلي شاب يجد في نشرات الأدوية قصص مرعبة”!

ما علينا من تلك المقدمة السخيفة التي أداعب بها كاتب أحبه وهو الصديق ” د. أحمد تركيد. أحمد تركي”. كتبت عن “أحمد”أكثر من مره. ولا أزال أوصي بكتاباته. واعتبره نموذج للكاتب صاحب الرسالة والذي لديه شغف لما يكتبه.
“أحمد” هذا العام تفوق على نفسه. وأخرج للنور عدة أعمال. وتراجم. لله الحمد مع بعض الدور التي أثق في احترامها للكاتب وقدرتها على الترويج لاعماله .
الاعمال بدون ترتيب هي” السيد دب”، “بارهيليون”، “حلقة لافكرافت” و”يوم التريفيدات”، بالاضافة لعمل فكري مترجم للكاتب ” لويس لو ماكس”
لا حاجه للذكر بالطبع أنني مهتم بكتابات “تركي” ومشروعه الأدبي وتمنياتي له بالتوفيق. وأنني ارشح قراءة أعماله لكل متابعين حسابي
كل ما استطيع أن أقوله
أن أحمد قالها كثيرًا وكتبها على صفحته:
“لن استسلم”
أظن يا “أحمد” أنك قلتها بإيمان حقيقي:
فما أراه الآن يدل على أنك
لم تستسلم قط

أضف تعليق